المقالات

وزارة الداخلية تحدد شكل الدولة وتغير بطاقة اثبات الهوية

مضى قرابة عشرة اعوام منذ انطلق مؤتمر الحوار الوطني الذي دعت اليه الشرعية اليمنية برئاسة فخامة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي والذي اتخذ في الموفمبيك مقرا لجلساته المطولة والتي اتت في الاخير بمخرجات كتبت في مسودة كان من المفترض ان يعلن عنها في موعدها المحدد لولا عملية الاختطاف التي تعرض لها الوزير احمد عوض بن مبارك من قبل جماعة الحوثيين التي اجهزت على الحوار الوطني وقضت عليه بالانقلاب العسكري على شرعية الرئيس هادي وحاصرته في بيته بعد ان سيطرت على صنعاء ليتمكن بعملية استخبارية من الهروب متنكرا حتى وصل الى عدن ثم غادر الى المملكة العربية السعودية ليعلن عن الحرب لاستعادة الشرعية وانهاء الانقلاب.

مالم يتفق عليه اطراف الحوار واعتبر لدى المحللين السياسيين سبب الازمة اليمنية هو قضية شكل الدولة  ، واستعصى على الوسطاء والمراقبين تقريب وجهات النظر بين اطراف الصراع السياسي والاجتماع على القواسم المشتركة  ، كل ذلك لم يساعد المتحاورين في الاتفاق على شكل الدولة حتى المقترح الذي قدمه فخامة الرئيس هادي بوضع خيارات الاقاليم مابين الاربعة والستة لم يرق للاطراف المتنازعة ايا منها  ، فبقت قضية شكل الدولة عالقة حتى بعد انهاء مؤتمر الحوار الوطني جلساته واعلان المخرجات التي اعتبرت الى جانب المبادرة الخليجية وقرار مجلس الامن ٢٢١٦ المبادئ الثلاثة لحل الازمة. اليمتية
في تصرف يكاد يوصف بالانفصام عن الواقع والخروج عن المنطق ، وفي الوقت الذي يعاني فيه المواطنين سواءا في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين او الذين هم في مناطق الشرعية يعانون جميعهم من صعوبة الحصول على بطاقة الهوية وجواز السفر الذي يستغرق الحصول عليهما اشهر طويلة او دفع تكاليف باهضة بسبب عدم الاصدار الالي للبطائق الشخصية وجوازات السفر الا بعد مرور البيانات الشخصية عبر الحدود من دولة الى دولة.

اليوم وبطريقة غريبة ومفاجئة اصدرت وزارة الداخلية توجيها بتغيير البطاقة الشخصية الى ما اطلقت عليه بالبطاقة الذكية لاثبات الهوية دون ان تحدد الموقف من الوضع القانوني للاصدار السابق خاصة وان عملية الاصدار والتجديد لازالت مستمرة وبتاريخ اليوم مايبين ان اثبات الهوية بحسب توجيه وزارة الداخلية سيتم التعامل به بنموذجين معا وفي آن واحد ( ماتسمى بالبطاقة الذكية والنموذج السابق)  هذا من جانب  ،  ومن جانب آخر هل سيشمل تغيير نموذج بطاقة اثبات الهوية بالبطاقة الذكية المواطنين اليمنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين  ،  كما ان أبناء المحافظات الجنوبية هل حددوا موقفهم من شكل الدولة ووافقوا على التعامل ببطاقة اثبات الهوية بالبطاقة الذكية وتخلوا عن مشروع المطالبة بفك الارتباط واستعادة الدولة.
ان اصدار البطاقة الذكية لاثبات الهوية لعله قرار مستعجل ويسبق البث في حسم قضية شكل الدولة التي لم يتفق عليها الاطراف السياسية المتنازعة بعد  ،  ثم ان البعض قد يسأل معالي وزير الداخلية عن الجانب العام الذي استند عليه معاليه قانونيا واداريا وامنيا حتى ينفرد بتحديد شكل الدولة ويتخذ قرار بتغيير شكل ومواصفات بطاقة اثبات الهوية الصادرة رسميا ثم لم يصدر قرارا بالغاء التعامل بها حتى اليوم او استبدالها ببطاقة ذكية يتضح من نموذج الاستمارة الخاصة بها انها لم تراعي اي وضع اداري لشكل الدولة اكان اليمن الاتحادي كامل الصلاحيات او الاقاليم اليمنية ستة او ربعة او حتى الاقليمين الشمالي والجنوبي او الدولتين المتفصلتين  ،  وهذه كلها تندرج تحت اطار قضية شكل الدولة التي لازالت مثار جدل ولم تحسم رغم خوض البلد حربا لازالت مستمرة ومنطلقها كان قائما بسبب الاختلاف على شكل الدولة  ،  فكيف لمعالي وزير الداخلية ان ينفرد بقرار مصيري كهذا ويوجه الدولة المتنازعة نحو شكل معين يصدر لمواطنيها بطاقة اثبات هوية بمواصفات اطلق عليها ذكية في دولة لم تحدد معالمها بعد ولازالت متنازعة بين اطراف لم يتفقوا على شكلها ناهيك عن استخراج بطائق اثبات هويتها  ،

فهل لوزير الداخلية ان يتكرم ويفصح عن الاستناد السياسي والاداري والقانوني الذي انطلق منه ليحدد شكل الدولة واسمها وتفاصيلها واثباتها في هوية ورمزيتها المصورة في نموذج لبطاقة اثبات الهوية لم تشرع بعد من قبل الجهات التشريعية وخاصة انها مستحدثة ليست تجديد لما تم تشريعه مسبقا فهل لوزارة الداخلية حق التشريع حتى تغير نموذج وشكل بطاقة اثبات الهوية  وهل هذا هو الوقت المناسب للاجتهاد بمثل هكذا قرارات مصيرية مزلزلة  ،  وهل ستعتمد من قبل السلطات في صنعاء او عدن.



المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى