في وداع الدكتور عبد الواحد

كان ذلك في نهاية سبتمبر من العام 1983م عند ما وصلنا إلى العاصمة البلغارية صوفيا لبدء الدراسة الاكاديمية في أكاديمية العلوم الاجتماعية وإدارة المجتمع.
استُقبِلنا من قبل العشرات ممن سبقونا من طلاب الماجستير والدكتوراه، وكان عبد الواحد عبده سعيد (هديش) الطالب في السنة الثالثة تخصص تاريخ أحد هؤلاء.
كان عبد الواحد يتدفق حيويةً ونشاطاً وهمةً وحماساً،
وقد تميز عن كثيرين بعدد من الميزايا التي قلّما تجتمع لدى شخص واحد معاً: الأولى وهي الكرم والمضيافية والقدرة على خطف احترام ومحبة كل من يتعامل معه، وكان يستضيفنا في غرفته ويقوم بنفسه بطباخة الوجبات وهو في غاية المرح والبهجة وعلى مستوى يفوق المحترفين.
والثانية الإيثار والاستعداد لمساعدة الٱخرين برغبة وشغف، وخصوصاً أولائك الوافدين الجدد.
تميز عبد الواحد كذلك بالأخلاق الرفيعة والروح الوطنية العالية، وكان الهم الوطني هو هاجسه الأول، وظل هكذا حتى آخر ايام حياته.
كما كانت البشاشة عنوانه والتفاؤل ميزته، ولم يبدِ قط تشاؤماً او عبوساً وهو يقابل الاصدقاء والرفاق.
وامتلك د. عبد الواحد القدرة على انتزاع احترام وتقدير الآخرين من الرؤساء والمرؤوسين على السواء، وهذا ما مكنه من بناء علاقات إنسانية راقية مع كل من تعامل أو عمل معهم.
أثناء إقامتي في صنعاء كان لا ياتي إلى هناك إلا ويزورني في منزلي ونمضي معاً أوقاتاً في متابعة الهموم والقضايا المشتركة وقضينا أشهرَ طويلةً من العمل في إطار لجان التشاور الوطني، قبيل ثورة الشباب السلمية بمعية السفير د. علي عبد الكريم نائب الامين العام السابق لجامعة الدول العربية والامين العام المساعد لحزب التجمع الوحدوي وآخرين.
وبعد نزوحي بقينا على تواصل على مدى سنوات، وكنت أعتمد عليه في الكثير من متابعاتي مع إدارة جامعة عدن.
في السنوات الاخيرة بدأ يشكو من بعض الآلام الباطنية مما قلل من تواصله مع الزملاء والاصدقا، لاتفاجأ يوم أمس (الاثنين 8يناير 2024) بنبأ وفاته من خلال صفحات التواصل الاجتماعي الزملاء من جامعتي عدن ولحج.
غياب الدكتور عبد الواحد عن الساحة الاكاديمية والوطنية والإنسانية عموماً يمثلُ خسارةً لا يضاهيها أي تعويض، فمثله لا يتوفر كثيراً ومكانته الإنسانية والاخلاقية لا تُملأ بسهولة، وبالنسبة لي شخصياً لقد خسرت بوفاته أخاً وصديقاً ورفيقاً من اكثر الناس وفاءً وصديقاً وأمانةً ودماثة خلق.
إنني بهذا المصاب الجلل أعزي نفسي وأعزي أولاده وأفراد اسرته فرداً فردا، وكل أهله وذويه.
كما اتقدم بمشاعر العزاء والمواساة إلى الزملاء في الأسرة الأكاديمية لجامعة عدن، وإلى جميع محبي زميلنا العزيز ورفاقه حيثما وجدوا.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير.


المصدر