اخبار محليةعدن تايم

محاصر بقوت يومه .. الموظف المقطوع راتبه وابتزازه بحقه

سلطة الغلبة لا تكترث بالحقوق

الإهداء: إلى الاستاذ الحر أبو زيد الكميم
إننا اليوم نعيش عهداً أشد وطأة من العهد العبودي الأول.. عهداً صادما ما كان يخطر على بال.. أكثر سفوراً وقبحاً وفجاجة.. عهدا يريد استعباد الموظف حتى يصل به الدرك الأسفل من النار، أو تحويله إلى ما دون العبد، مهدور ومجرد من كل الحقوق، حتى تلك التي تبقيه على قيد الحياة.

إن الموظف المقطوع راتبه، وابتزازه بحقه، وحمله على العمل مرغما دون راتب يقتات منه، هو حال ينزل به قدرا ومنزله إلى أسوأ من العبد في عهد العبودية الأكثر استبدادا وقسوة.

السلطة التي فقدت إحساسها بالمسؤولية، تريد موظفا يعمل دون راتب، وتريد معلما يعمل دون أن يأكل أو يشرب أو يلبس أو يسكن أو يعيل أسرة، فإن لم يفعل ترفع به جهة عمله منقطعا عن عمله، لتستولي فوق راتبه، على خدمته، وسنين عمره.

هكذا يجد الموظف نفسه مسحوقا حد العدم، ومنهوبا حد الموت.. عاريا من كل شيء.. محروما من راتبه الذي يتقاضاه مقابل عمله، ومحروما مرة أخرى من راتبه التقاعدي الذي كان يريد أن يستند إليه، ويعتاش منه بقية عمره، بعد أن بلغ أحد الأجلين.

إنه حكم إعدام مضاعف في تنفيذه.. عمل بدون راتب، وسنوات خدمة مهدرة، تجتمعان في نهاية مأساوية فادحة ومؤسفة يعيشها ذلك الموظف المنكوب بسلطة كل شرعيتها لا تتعدى الغلبة والإدعاء.

مثل هذا الإعدام المضاعف لا يحدث إلا في ظل سلطة غلبة متصحرة الوعي، ومتوحشة الفعل، تفتقد تماما إلى ما هو إنساني، ولا تمت بصلة للمسؤولية نحو شعبها، وتفتقر إلى المعرفة بأبجديات حقوق المواطن .

هكذا يجد الموظف نفسه يأمل، فينتهي إلى سراب.. يزرع دون حصاد.. يعيش مستقبل مصادر يكتظ بالإذلال وإهدار الكرامة، وينتهي به الحال إلى الموت قهرا وكمدا.

معلم مطلوب منه الكثير وهو محاصر بقوت يومه.. معلم قليل الحيلة، ومعدوم الخيارات، ومن دون حقوق.. معلم يجد حقه في الحياة مهددا، أو واقعا تحت وطأة سلطة أعدمت راتبه، واستولت على خدمته.. ظلم وحرمان مضاعف يصل حد النيل من حقه في الحياة، فضلا عن الكرامة.

هذه السلطة تريد من المعلم أن يعمل دون أن توفر له شيئا من هذا ولا ذاك.. لا تكتفي بالتخلي عما هو دستوري وقانوني للمعلم، بل وتتخلى عن مسؤولياتها كاملة نحوه.. سلطة تدير ما هو تحت ولايتها وفي قبضتها، على نحو يصل بالمعلم إلى حال ومرتبه أسوأ من العبد، بل ومن الحيوانات التي يلتزم مالكها بمأكلها ومشربها.

عهد جريء في الاستيلاء على ما هو مكتسب، وعلى نحو فج وصارخ.. موغل في غب الباطل.. يعطي حقك الأصيل من لا يستحق.. يتجاوز حدودك، ويغتصب حقوقك بجلافة القادم من أدغال التاريخ المحكوم بقانون الغاب، والقوة، وشريعة الحق لمن غلب.

عهد ليس له صلة بالعصر، بل بشيء اسمه دستور أو حقوق.. يستبيح حقوقك بتحدٍ وإرغام.. يستولي بغلاظة ما ليس له فيه حق ولا شبهة. ثم يهبه لمن يمنح الولاء لسلطة الغلبة التي تنتهك الحقوق وتزدري الدستور والقانون، وتتركك تكابد الويل والحرمان حتى تموت جوعاً وضيقاً وكمداً.

وأكثر من هذا وذاك تعتقلك وتغيبك إلى مدى غير معلوم إن طالبت بحقك في الحياة، وحقك في الراتب مقابل ما تبذله من عمل وجهد، ولا تعر بالا لشيء اسمه إنسان أو حقوق، أو حياة ومستقبل، أو رفع ظلم بات أكبر من طغيان.

*برلماني يمني

المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى