اخبار محليةصحيفة 4 مايو

قراءة في فهم ومواجهة الحرب السياسية ضد الجنوب وقضيته

4 مايو/ كتب: أ.د. فضل الربيعي


تتكوم أمامنا اليوم العديد من القضايا والمعاناة والأحداث المتناسلة المستجدة منها والمتكررة بصور ومؤشرات تحمل ملامح التغيرات والانقلابات على صعيد التوجه والممارسة، بلغت حد الجحود، والتراجع عن المواقف والتطاول الفج على حقوق ومصالح شعب الجنوب وتضحيات ابناءه.

الأمر الذي يستدعي التفكير من خارج الصندوق نحو إيجاد مقاربة ذهنية سياسية احترافية تبحث في خلفيات وتداعيات ومالآت هذه الأحداث والممارسات التي تدور حول الازمة والحرب في اليمن، من زواياها المختلفة، دون اغفال مقولة( ان الحرب خدعة) .

فالضرورة السياسية تتطلب جهد مضاعف بعمل أكثر فهما لحقائق الواقع والتفتيش في افكار الاخرين وخداعهم من منظور تضارب وتقارب مصالح الاخرين فيما بينهم من جهه ومع الجنوب من جهة أخرى ، حتى نصل إلى خطوط بناء القواعد التي تظهر اهتمامهم لها ولو على المستوى التكتيكي. والابتعاد عن حسن النوايا في العمل السياسي.

إن استهداف الجنوب وقضيته الذي ظهر اليوم عبر منظومة ترمي إلى تفكيك المجلس الانتقالي الجنوبي بوصفه حجر عثرة أمام مشاريع الغير.

وحتى يتم مواجهة ذلك التامر والحفاظ على الروح المعنوية لدى شعب الجنوب الحاضنة الصلبة للانتقالي، والتمسك بما تم من إنجازات ومقاصد التضحيات الجسام حيث لا يوجد طرف في اليمن قدم أكثر مما قدمه الجنوبيين من تضحيات وتجرعوا من معاناة خلال التسع السنوات الماضية من عمر الحرب هذه التضحيات التي تقف خلفها خصائص بنية الشخصية الجنوبية التي تتميز بقيم الوفاء والاخلاص والمواقف المعلنة الرافضة لاساليب المكر والخداع و التواقة للحرية والاستقلال من شتى اصناف العبودية والتبعية ربما أساء الآخرون الفهم لهذه الشخصية التي لا تنتظر منهم ان تمنحهم الحرية.

نعم جاءت الأحداث وتداخلت الأجندات، وخرج الثائرون دون اذن أو دعم من احد في بدأية الحرب، ولن يوقعوا شراكة مع الاخرين، لأنهم يبحثون عن حضور في واقع صعب لعلهم يجدون فيه منفذا يستطيعون من خلاله اعلا شان مشروعهم، إذ لم يكن أمامهم في الحرب الا التضحيات، في الوقت الذي اختفى فيه من كان عليه المواجهة في الحرب، وحتى جاء التدخل من الخارج الذي الزمه واقع الحرب ان يتعامل مع هؤلاء المقاومون الثوار المخلصون.

حينها تشابكة وتزاحمة تعقيدات المشهد لدى الكل وفي زخم هذا التعقيد حقق الجنوبيون النصر عندما تمكنوا من طرد المليشيات من الأراضي الجنوبية، كان النصر العسكري هذا غير مسنود بالنصر السياسي الذي جعل الاخرون يطمعون في الاستحواذ على هذا النصر واستثماره ، فلم يكن أمام الجنوبيون الا التوجه نحو انتظام العمل السياسي ليوازي العمل العسكري على الارض عبر فكرة تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي الذي ظل يواجه شتى انواع الحرب التي تتكرر وتتناوب ضده بصور مختلفة من حرب اعلامية وحرب نفسية إلى حرب المواجهة مع المليشيات ( الارهاب داعش الاخوان الحوثي) .

الانتقالي يعرف جيدا ان وجوده لم يرضى الكثير من اعدا الجنوب وقضيته حتى وإن تماهوا معه مؤقتا.
كل الحروب بالعالم تنتهي بإحدى الطرق اما أن ينتصر فيها طرف ويهزم الاخر وتحسم الحرب.. وأما تتعثر كل الأطراف وتتجه للحل السياسي الذي يتم عبر ما أصطلح عليه بالتفاوض السياسي.

فالحرب في اليمن تعددت وتداخل وتغيرت أطرافها ليست تلك الاطراف التي تم الإعلان عنها في بداية الحرب، حيث كان ظهور الانتقالي كطرف معلنا موقفه السياسي الذي
لا يقبله طرفي الخصوم بالحرب..
ذهبت جميع الأطراف ترسم مسار الحرب وتعمل في ضوء فرضياتها الخاصة، التي تتجاوز هدف تلك التضحيات التي قدمها ابناء الجنوب في الحرب، وقد كانت معركة الانتقالي هنا مضاعفه يواجه فيها الحرب مع مليشيات الحوثي التي تعتبره المعيق لانتصارها هذا من ناحية
ويواجه ما سمي بالشرعية اليمنية من ناحية اخرى التي ترى فيه عدو يزيحها من المشهد فاتجهت نحو محاربة الانتقالي واللعب في مساحته وهو الأمر الذي كلف الانتقالي دفع فاتورة الحرب الباهضة التي وصلت حد العقاب الجماعي اليوم للمجتمع عبر حرب الخدمات والرواتب.

*نصب الافخاخ للانتقالي:
لم يكف الآخرون عن نصب الافخاخ للانتقالي، عبر عدد من الممارسات التي بدأت في خلق الخلاف الجنوبي الجنوبي بين جنوبي الشرعية برئاسة هادي، والإنتقالي.
إذ لم يساعد الخارج على حل هذا الخلاف بل ربما كان سببا في صنعه. واستمرت معركة الخداع السياسي في نقل البنك من صنعاء إلى عدن انقاذ للحوثي والتحايل على إيرادات الجنوب، ثم اتفاق الرياض الأول رغم ما تضمنه هذا الاتفاق من تقدم في محتواه العام للانتقالي إلا ان التحايل قد جرى في تنفيذ مخرجات الاتفاق عندما اقر المناصفة وراحوا يتحايلون على نسبة النصف الجنوبي بدلا من أن تذهب للانتقالي راحوا يوزعونها على الأحزاب اليمنية في الجنوب وهذا يندرج ضمن اللعب على الورقة الجنوبية.

اما الخدعة أو الفخ الرابع هي مشاورات الرياض وما نتج عنها بإعلان مجلس القيادة الرئاسي الذي جمع الانتقالي مع خصوم القضية..
هذه التراكمات وحرب الخداع السياسي وما رافقها من تعقيدات ونتج عنها من تحديات خطيرة جدا تظهر حجم التامر الكبير على قضية الجنوب عبر ضرب وتفكيك حاملها السياسي المجلس الانتقالي الجنوبي، على المستويين الداخلي والخارجي..
ربما كان القصور في اداء العمل السياسي في الانتقالي قد ساعد على تمرير مثل تلك الخدعات..
ورغم كل ذلك يدرك الانتقالي ان مشروعه السياسي المعلن عنه مازال بعيد عن تفهم أطراف العملية السياسية وخارج اجندات التسوية السياسية التي تعمل عليها السعودية بعد أن تغيرت أهدافها من الحرب وموقفها من الحوثي..
لهذا على الانتقالي اليوم رفع اداء التعاطي السياسي بصورة اكثر احترافية مع التمسك بالأرض عسكريا وسياسيا وعدم السماح للغير اللعب في مساحته، وبناء قواعد العمل السياسي الذي يتيح له الخروج من حقول مازق الأفخاخ واللعب السياسي الذي يمارس داخل مساحته الجغرافية عبر فتح جميع الأقفال للدوائر والقوى على المستويين الداخلي والخارجي من خلال إعادة تقديم نشاطه السابق بوسائل مختلفة جديدة، بوصفه في قلب ميدان المعركة الساعي للدولة وليس للسلطة.. ورفع فوبيا الانفصال عند الأطراف التي يشغلها ذلك الأمر.
والتي تعمل اليوم بوضوح على تفكيك الإنتقالي عبر حروب الإستنزاف متعددة الأوجه والاطراف الرامية إلى ضرب قاعدته الشعبية وقواته العسكرية وموارده الاقتصادية والعقاب الجماعي بالخدمات والرواتب كل ذاك يصعب في محاولة منهم لاجبار الانتقالي بالتراجع عن مشروعه الوطني.
إن التوجه نحو اثارة الفوضى وتسرب الشائعات واستهداف قيادات الانتقالي كما جرى في مهاجمتهم لعضو المجلس الرئاسي القايد العسكري اللواء ابو زوعة المحرمي، والضغط بالخدمات لدفع الشارع للانتفاضة كل ذلك يجعلنا ان نستنتج بأن ما يخطط له هو أبعاد الانتقالي عن المشاركة في مفاوضات التسوية السياسية لتمرير ما يريدونه.
وعليه نرى من الانتقالي الخروج من دائرة الصمت وعمل الاتي :
1_ التفكير الجاد في مواجهة هذا التحدي عبر تغيير في قواعد المنهج والعدة المعرفية، بصورة أكثر عمقا احترافية تتسع لبناء علاقات افقية وراسية على المستويين الداخلي والخارجي تشمل مختلف مفردات النشاط والمهام والتحالفات، تتجاوز الصراعات البينية السابقة، وتحرص على عدم التصادم الحاد مع الخارج.
2_ تقييم وتصحيح ومراجعة عمل الانتقالي السابق بما في ذلك الهيكلة والإسراع في تأسيس منظومة جديدة من الفاعلين القادرين على العمل السياسي الاحترافي ، وليس الناشطين لبناء قواعد وخطط العمل السياسي القادم.

المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى