المقالات

تساؤلات الاستقلال المضاع .. إجابات الاستقلال الثاني

في ذكرى الاستقلال المضاع، حريٌّ بنا أن نتساءل: ما الذي (أو من) أضاع الاستقلال، حتى باتت أجيالنا ترصف الأرض والزمن تضحيات توقاً إلى الاستقلال الثاني؟
يوصف الاستقلال بالمجيد في دارج الخطاب السياسي والإعلامي، وهو وصف مستدعى أو مستعار من أرشيف خطاب تقليدي، بلا تدقيق أو مساءلة. لقد كان مجيداً ذات يوم، لكنه الآن مضاع.
غير أن الاستقلال الأول لم يضع عشية 22 مايو 1990، بل بدأت إرهاصاته عشية 30 نوفمبر 1967، عندما رُبط الوطن المحرر من الاستعمار بقاطرة محطتها الأخيرة صنعاء. منذ أن صار مسمى دولة الجنوب الحر “يمناً جنوبياً!!” ثم “شطراً جنوبياً!!”، وصارت “الوحدة” عقيدة سياسية للنظام، فأصبحت بها دولة الاستقلال رهينة (أو معلّقة) باتفاقيات مع (شطر آخر !!)، وتم إرهاقها بالنزاعات والأزمات، بحيث يمكن اختزال ما حدث ويحدث، في خطيئة إفراغ الاستقلال من محتواه الوطني، واستيلاد وتوليد أخطاء أو خطايا متوالية، فكانت دولة بحدود معترف بها دولياً، لكنها – مع ذلك – بلا حدود وطنية، فحدودها مطاطية حزبياً وأيديولوجياً، فاختُرِقت، بذلك، سيادياً من داخلها، وصارت قصيرة جدرانُها بل مفتوحة على (شطر) جوار معادٍ، يتربص بها بذهنية “الواحدية، الوجه الآخر الناعم لعودة الفرع إلى الأصل”، وصار بعض مواطني ذلك الشطر المعادي حكاماً وصانعي قرار في قمة الهرم السياسي، ضمن شراكة أيديولوجية عابرة حدود الوطن المستقل! شراكة مؤدلجة بالوحدة، التي توصف في أدبيات النظام بأنها قدر ومصير الشعب(!!) لكن أولئك الشركاء عابري الحدود، كانت تجمعهم بروتوكولات سرية، ترى وحدة أخرى – بتوصيف أستاذنا د. محمد عبدالقادر بافقيه – غير تلك التي كان يراها قادة الاستقلال في سنواته الأولى، وحدة توسيع حدود الوطن المستقل بآليات حزبية، أثارت حربين أو أكثر ، لتغيير الجغرافيا السياسية، بحيث تشمل ما يعرف – في أدبيات حكم الأئمة – باليمن الأسفل ليصبح جزءاً من وطن 30 نوفمبر ، للاستقواء عليه، بإسقاطه من داخله ديموغرافياً، هرباً من هيمنة اليمن الأعلى الذي لا سبيل إلى مواجهته، كما هو الحال اليوم، بحيث يكون الجنوب الحديث العهد بالاستقلال وطناً بديلاً، بمنظور استراتيجي، يديرونه بالإيديولوجيا (وإن شئت بديمقراطية التفوق العددي!!). وقد سوغت الواحدية الحزبية ومركزيتها الديمقراطية(!) ذلك، منذ استبدال “الجنوبية” بالديمقراطية، لتفكيك ما تبقى من هوية الاستقلال الوطنية، ما سوّغ إجرائياً أن يكون منهم الرئيس والأمين العام وأن يديروا أكثر الوزارات حساسية (وزارة أمن الدولة)، والتمثيل في الأمم المتحدة، إلى آخر علامات اللامعقول السياسي ومفارقاته القاتلة!!!!
ومثلما كانت دولة الاستقلال الأول رهينة (أو معلّقة) باتفاقيات (مشطرنة)، يعدها البعض من أمجاده القيادية (!) وتم إرهاقها بالنزاعات والأزمات، يبدو واقع الحال اليوم مشابهاً، فعدن كعاصمة مؤقتة إلى أجل غير مسمى (!!) مازالت رهينة سياسية ومعلّقة بالاتفاقيات، ويتم إنهاكها بافتعال النزاعات والأزمات، ويستميت المتمتعون رسمياً بامتيازات رهنها السياسي، لإطالة أمد تعليق مصيرها؛ لأن معركتهم الحقيقية ليست في (أو مع) ولاة صنعاء، وإنما في عدن، تماماً مثلما كانت الشراكة الضيزى مع القادمين والهاربين القدامى من قرى الإمام وجمهورية القبيلة متلفعين بالشعارات، أولئك الذين صيرتهم الإيديولوجيا الحزبية حكاماً لا يُساءلون في عدن، ولم تُسجل واقعة واحدة وُصف فيها واحد منهم بالخائن أو العميل أو المندس … إلخ، في حين طالت تلك الصفات وغيرها شركاءهم الجنوبيين، وهم أهل الأرض!

إن لم تُقرأ تجربة الاستقلال المضاع بعد نصف قرن ونيف قراءة حرة وموضوعية، فسيعيد التاريخ – إن لم يكن قد أعاد – نفسه مرتين، بتعبير كارل ماركس، مرة كمأساة، ومرة ​​أخرى كمهزلة. وفي هذا السياق ينبغي تأمل ورصد سينوغرافية اللحظة الراهنة وديموغرافيتها سياسياً، بلا مواربة، أو انسياق خلف عناوين مضللة أو مبهمة أو معتمة أو رمادية أحياناً، كأن يؤال إلى (إدراج) الاستقلال كقضية متجاذبة بتأويلات!
ولنا أن نتساءل هنا، والتساؤلات كثيرة: هل استبقاء عدن “عاصمة مؤقتة” إلى أجل غير مسمى، و اعتلاء هرم “الشرعية” السياسي جيلٌ جديد من متأبطي تلك “البروتوكولات السرية” وتحديثاتها، إعادة للتاريخ كمهزلة، بعد أن عشنا مأساة الاستقلال المضاع، وما زالت أجياله المتأبية ترصف الأرض والزمن تضحيات ومُعانيَات شتى، توقاً إلى الاستقلال الثاني، لا للاستقلال في حد ذاته، ولكن لبناء دولة جديدة مستقلة، تعيد الاعتبار للاستقلال الأول ودولته الوطنية، بعيداً عن جنايات المركزية العقيم، وحماقات العمى الإيديولوجي وتداعياته السوداء؟ لن يكون لأي استقلال معنى إن لم تطوَ صفحات اللامعقول السياسي ومفارقاته اليومية القاتلة برسم استراتيجية تعيد الاعتبار لوطن لا تتمدد حدوده السياسية وتنكمش بآليات ميراث سياسي عقيم.

* الصورة للأستاذ المحامي شيخان الحبشي، السياسي الرائد الذي ألقى مرافعة تاريخية عن الاستقلال أمام لجنة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة، أبريل 1963.

المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
احلى افلام سكس arabnsex.com سكس مصري فيديو new sexy 2015 pornharbour.net indian naked teen girls هالة صدقى سكس porn2you.org s;s uvfn thubzilla xxxhindifilm.com www xxxmo blue film karnataka cowporn.info hot love girl kannada adult videos momandboyporn.net hotmalayalam mysore mallige scandal desixxxtube.info open sex video open sex video dirty linen episode 1 full teleseryepinoytv.com darna december 7 2022 full episode konayama kata hentaivsmanga.com liquid hentai بينيك اخته free-xxx-porno.net سكس بنات الجامعه beeg search mehrporn.com hindisaximovi dangal online movie pornomania.info you porn india tuvidy doodhwali.net pune girl sex video kiss x video hindisexyporn.com itorrentz telugu marwadi sex open faphub.mobi www.sexvid.com