اخبار محليةعدن تايم

مخاوف من ارتفاع كبير بأسعار السمك في اليمن .. والسبب

ضاعف التصعيد العسكري الذي يشهده الممر الملاحي للبحر الأحمر معاناة الصيادين اليمنيين الذين يمثل البحر لهم مصدر رزقهم الرئيس، وأصبحوا اليوم يتطلعون للمستقبل بقلق وسط عدم وجود حلول في الأفق لإنهاء تبادل القصف الصاروخي بين ميليشيات الحوثي وقوات أميركية وبريطانية.
وتشن ميليشيات الحوثي في اليمن المتحالفة مع إيران هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة في البحر الأحمر على السفن والناقلات منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بادعاء التضامن مع الفلسطينيين .
وترد الولايات المتحدة وبريطانيا بغارات جوية دقيقة على أهداف للحوثيين منذ منتصف يناير (كانون الثاني) من أجل إعادة الاستقرار للممر الملاحي الذي تحولت عنه كثير من شركات النقل البحري الدولية ووجهت سفنها نحو طريق أطول وأكثر كلفة حول قارة أفريقيا.
تضرر موانئ الصيد
وقال وكيل وزارة الثروة السمكية اليمنية لقطاع الإنتاج والتسويق السمكي في عدن غازي لحمر إن تصاعد الأحداث في البحر الأحمر زاد الأوضاع سوءاً بالنسبة إلى أنشطة الصيد في اليمن والقطاع السمكي بصورة عامة، ووضع مزيداً من الأعباء على كاهل الصيادين الذين يعانون انحسار أعمالهم وتضرر موانئ الصيد والقوارب بفعل الحرب الأهلية التي تمزق البلاد منذ تسعة أعوام.
وقال لحمر لـ”رويترز” إن أنشطة القطاع السمكي منيت بأضرار كبيرة ودمار شبه كامل للبنية التحتية بسبب الحرب، وتفاقم الوضع مع اندلاع التوتر في البحر الأحمر، مما زاد المخاوف على أرواح الصيادين وتعرضهم للخطر.
خوف وحذر
وباتت حركة آلاف الصيادين المحدودة قرب الشواطئ اليمنية مشوبة بالحذر والخوف مع انتشار البوارج والقطع الحربية الغربية في مياه البحر الأحمر، مما أثر في مناطق الصيد بمحافظات اليمن الشمالية الغربية مثل الحديدة وحجة ومناطق الخوخة والمخاء وذباب وباب المندب.
وتشكل عائدات الصادرات السمكية مصدراً مهماً لدخل اليمن من العملات الأجنبية، والقطاع السمكي من القطاعات الإنتاجية المهمة في اليمن، إذ يحتل المركز الثاني في الناتج المحلي الإجمالي بعد النفط.
وتشير التقديرات والبيانات الرسمية إلى أن إنتاج اليمن من الأسماك والأحياء البحرية كان يبلغ سنوياً حوالى 200 ألف طن قبل اندلاع الحرب الأهلية مطلع عام 2015، إذ كان يتم تصدير ما بين 40 و50 في المئة من هذا الإنتاج، وكان يدر عائدات تقدر بنحو 300 مليون دولار، غير أنه ومنذ اندلاع الحرب انخفض حجم الإنتاج إلى النصف نتيجة نزوح الصيادين والعاملين في القطاع السمكي.
وتقول السلطات اليمنية المعترف بها دولياً إنها تنسق في الآونة الأخيرة عبر وزارة الثروة السمكية مع قوات خفر السواحل لإنشاء غرفة عمليات مشتركة ووضع آلية عمل لضمان سلامة الصيادين في البحر الأحمر وخليج عدن وتنظيم دخول وخروج الصيادين أثناء رحلاتهم وتتبع تنقلاتهم بين المحافظات الساحلية بهدف حمايتهم وسبل حفظ الأمن والسلامة البحرية.
ويمتلك اليمن شريطاً ساحلياً يبلغ طوله أكثر من 2000 كيلومتر على امتداد البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن يزخر بالأسماك والثروة البحرية.
وقال رئيس جمعية الصيادين في الخوخة خالد الزرنوقي لـ”رويترز” إن آلاف الصيادين بالخوخة توقفوا عن نشاط الصيد بسبب الخوف من القوات الأجنبية الموجودة في البحر.
وأضاف أن مخاوف الصيادين زادت بعد العثور أواخر الشهر الماضي على ثمانية صيادين من سكان الخوخة الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً غرب البلاد، وآثار طلقات رصاص على أجسادهم بعد أسبوع على انقطاع أخبارهم، وبعد أيام من إغراق البحرية الأميركية ثلاثة زوارق تابعة للحوثيين.
وأكد أن التصعيد العسكري أخيراً أثر كثيراً في أحوال الصيادين وأسرهم، خصوصاً أن معظم سكان الخوخة يمارسون مهنة الصيد لإطعام أسرهم الجائعة.
ويبلغ عدد سكان الخوخة الواقعة على بعد 163 كيلومتراً جنوب مدينة الحديدة قرابة 200 ألف نسمة، وتعد من أكثر المناطق الساحلية التي تأثرت بالتصعيد الجاري في البحر الأحمر لكن بدرجة أقل من مدينتي المخا المجاورة وميدي.
المخاطرة بالحياة
وقال سعيد علي التهامي (48 سنة) صياد السمك في مدينة الخوخة لـ”رويترز” إنه كان يخاطر بحياته “من أجل الصيد الذي أعتمد عليه في إطعام أسرتي” وسط الرياح الشديدة والأمواج العاتية، لكن مع التصعيد العسكري وانتشار البوارج الحربية فضل عدم المغامرة بحياته ومعه كثير من زملائه.
وقال التهامي، “نعاني الجوع والعوز. نريد أن يتوقف هذا التصعيد غير المسبوق في البحر لنعود لممارسة الصيد، مصدر رزقنا الوحيد. اليوم بالكاد يحصل الصياد على قوت يومه لإطعام أسرته، إذ نتحرك باستعجال في موازاة الساحل طولاً بدلاً من التوغل إلى العمق لوقت محدود لصيد كميات صغيرة من السمك، ونعود إلى البيوت خوفاً من الصواريخ”.
لكن الوضع يبدو أفضل قليلاً في السواحل المطلة على خليج عدن، إذ يقول الصياد رشيد عزار (45 سنة) في منطقة فقم غرب عدن لـ”رويترز” إن الأخطار التي يواجهها الصيادون في منطقة خليج عدن أقل بنسبة 50 في المئة قياساً بما يعانيه الصيادون في البحر الأحمر.
وأضاف “أصبحنا لا نغامر في ركوب القوارب والتوغل في العمق بمنطقة البحر الأحمر كما كان بالسابق لجلب أنواع محددة من الأسماك، فقد نعود للشاطئ الذي ذهبنا منه أو تلتهمنا الصواريخ ونموت”.
ويمثل سمك التونة أبرز الأنواع التي تعتمد عليها غالبية الأسر ذات الدخل المتوسط والمحدود كوجبة رئيسة نظراً إلى أنه أقل سعراً.
هواتف “الثريا”
وقال عزار إن معظم الصيادين كانوا يستخدمون هواتف الثريا المتصلة بالأقمار الاصطناعية، لكن حالياً توقف الجميع عن استعمالها بسبب التقاط البوارج الحربية لأي اتصالات ومطاردة الصيادين وملاحقتهم أحياناً واستهدافهم.
ويلقي الحوثيون باللوم على الغارات الجوية الغربية في تردي الأوضاع، إذ يحمل مدير الموانئ والمراكز السمكية في منطقة البحر الأحمر في الحديدة التابعة للحوثيين عزيز عطيني، التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا مسؤولية ما يتعرض له الصيادون من أخطار بسبب البوارج والفرقاطات والقطع العسكرية التي توالت على المنطقة بحجة حماية حركة الملاحة الدولية.
ولفت عطيني إلى أن السفن والناقلات التجارية تتلقى تهديدات يومية من البحرية الأميركية والبريطانية تحذر من المرور في البحر الأحمر.
وتعد الحديدة، إحدى أهم المدن اليمنية الحيوية إذ تضم ثلاثة موانئ، الحديدة والصليف ورأس عيسى على سواحل البحر الأحمر، وتقع ضمن امتداد ميناء المخاء التاريخي في الساحل الغربي اليمني وقريبة من خطوط الملاحة الدولية، وتعد ثاني أكبر محافظة من حيث عدد السكان.
وتسيطر حركة الحوثي على مناطق شمال اليمن ذات الكثافة السكانية العالية بعد مرور نحو تسعة أعوام على الحرب في مواجهة تحالف تدعمه الولايات المتحدة.


المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى